الأطفال في أي مجتمع هم بمثابة الغرسة الصغيرة التي نعمل على رعايتها وحمايتها، فبقدر اهتمامنا بهم نجني ثمار المستقبل، كما أنهم عدة المستقبل وأساس تطور المجتمع،
إذ لا بد من أن نؤمن لهم الرعاية اللازمة والحماية من كل العوائق التي تعترض نموهم الجسدي والفكري، فقوة المجتمع تكون بقدر ما يعد من أبنائه الصغار وبقدر ما يرعاهم، وللأسف فإن قوانين حماية الطفولة ومنظمة الصحة العالمية لم تستطع حتى الآن تأمين الحماية اللازمة للأطفال الذين يتعرضون للعنف والتعذيب، والعنف القائم ضد الأطفال موجود في كافة المجتمعات والدول العربية والأجنبية، إذ يقع عليهم العنف بالدرجة الأولى من داخل الأسرة التي يعيشون فيها، وغالباً ما يقع العنف على الأطفال بسبب الخلافات الزوجية بين الشريكين فيكون الأطفال هم الضحية، وهناك كثير من التقارير الرسمية التي تفيد ان العنف ضد الأطفال في الولايات المتحدة ينتشر بشكل كبير جداً، فهناك أكثر من نصف الحوادث المتسمة بالعنف على الأطفال يرتكبها رجل البيت (الأب)، ويقدّر الخبراء أن عدد حالات العنف في الولايات المتحدة يصل إلى الملايين سنوياً والكثير منهم يموت على يد أبائهم، فضلاً عن أن الأطفال يعانون الكثير من الاعتداءات، كالاعتداء الجنسي الذي يترك آثاراً سلبية كبيرة، وقد لجأت الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن حلول لهذه المشكلة، فكانت تؤكد عبر قوانينها ان الأسر التي فيها أطفال يتعرضون للعنف هي أسر فاسدة لا يحق لها الاحتفاظ بأطفالها، لذا لا بد من وضعهم في ملاجىء خاصة بهم من أجل حمايتهم من العنف الذي يتعرضون له، فأصبحت حمايتهم أمراً واجباً ولزاماً على المجتمع.
هذه النظرية لم تكن ناجحة لأن الملاجىء لا يصل إليها سوى الأطفال الفقراء والأقليات، أما الأسر الغنية فهي تستطيع دائماً تجنيب أبنائها دخول الملاجىء كونها تملك المال، وباختصار لم تستطع جمعيات حماية الأطفال في الولايات المتحدة أن تحميهم من العنف، خاصة أن المعنفين يسعون جاهدين لعدم إعلام الجهات المعنية المسؤولة عن الطفل، فالبوليس لا يتدخل إلا في الحالات التي تصل إلى حد الموت والقتل، وفيما بعد بدأت جمعيات حماية الطفولة تنشط شيئاً فشيئاً حتى أصبح الطفل بعيداً نوعاً ما عن ساحات العنف في حال تم الإبلاغ عنها بفعل تطوير بعض القوانين التي تحميهم وتسعى لتربيتهم وإنشائهم بشكل صحيح وإعدادهم صحياً وثقافياً.
يتخذ العنف أشكالاً متعددة منها العنف الجسدي كالضرب والسب والشتم والركل والدفع والجرح بأدوات متعددة وتشويه الأجساد وترك علامات عليها والعض واستخدام السكين والتقييد بالسلاسل وغيرها والحرق والموت..الخ.
ونقول أخيراً: إن المجتمع الذي ينتشر فيه العنف بشكل كبير مجتمع مهدد بالانهيار، لأن هؤلاء الأطفال عندما سيكبرون لا شك ان تربيتهم وحالتهم ستنعكس سلباً على بناء المجتمع وسيصبحون او من الممكن أن يصبحوا منحرفين ينحون منحى الإجرام، وبالتالي فهم يهددون بناء المجتمع الذي يعيشون فيه كونهم ينظرون لأنفسهم انهم منبوذون بسبب الحياة التي ألفوها والتي تتميز بالألم والحزن والعذاب، فينشؤوا نشأة سلبية تترك آثارها الواضحة في المستقبل، لذلك نقول: لا بد من الحفاظ على أطفالنا ورعايتهم خير رعاية لكي نعمل لغدنا، فمن لا يعمل لغده سيطاله الندم.
جهاد ذياب الناقولا- البعث